التقى وفد من الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، بوفد من لجنة العلاقات الخارجية للبرلمان الإيطالي برئاسة ليا كوارتابيللي نائبة رئيس اللجنة وثمانية أعضاء من اللجنة مثّلوا مختلف الأحزاب الإيطالية، وذلك في مبنى البرلمان في العاصمة روما.
وضم وفد الإدارة، عبد الكريم عمر ممثل الإدارة الذاتية في أوروبا، روكسان محمد الناطقة باسم وحدات حماية المرأة، وميديا حسن الرئيسة المشتركة لممثلية الإدارة الذاتية في سويسرا.
في بداية اللقاء، قدّم وفد الإدارة الذاتية لمحة عن تجربة الإدارة لافتاً إلى أنها تشكلت بالاتفاق بين جميع مكونات المنطقة على مختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية.
وبشأن مشاركة المرأة في هذه التجربة، قال الوفد “إن للمرأة دوراً ومكانة كبيرين في ثورة روجآفا، فهي فضلاً عن أنها كانت ولا تزال في الصفوف الأمامية بالحرب ضد الإرهاب، فإنها كذلك تشغل أرفع المناصب السياسية والإدارية، وتتمتع بحضور فعال ومؤثر في جميع مؤسسات الإدارة الذاتية بنسبة مشاركة تبلغ خمسين في المئة، مع العلم أن الإدارة الذاتية تعتمد نظام الرئاسة المشتركة في كافة المؤسسات والهياكل الإدارية”.
وتطرق الوفد إلى سبل وإمكانات حلّ الأزمة السورية وأنَّ الإدارة الذاتية يمكن أن تكون أُنموذجاً للحل الشامل لعموم سوريا، وهي قطعاً ليست مشروعاً تقسيمياً كما يحاول بعض المتربصين بها الترويج لمثل هذه الأفكار البعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع، ونحن كنا على الدوام مع الحلول السلمية للأزمة السورية.
ولديها رؤى وتصورات واضحة بهذا الشأن تعبر عنها بشفافية، إذ يجب أن يكون الحل بمشاركة جميع المكونات السورية، وضامناً لحقوقها ومتطلباتها المشروعة، مع تأكيدنا أيضاً على ضرورة مراعاة القرار الأممي 2254.
وأشار الوفد إلى التحديات الاقتصادية والإنسانية التي تواجهها المنطقة، وأنَّ سنوات الأزمة الطويلة والحصار أغرقا إقليم شمال وشرق سوريا في أوضاع اقتصادية وإنسانية صعبة للغاية، ورغم تفاقم هذه الأوضاع يوماً بعد آخر لا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن إيصال المساعدات الإنسانية إلى الإقليم، لكون جميع المساعدات المقدمة تدخل إلى مناطق النظام وتُمنع بالتالي من الوصول إلى مناطق الإدارة الذاتية، ولهذا من الضروري أن يخطو المجتمع باتجاه التعامل المباشر معنا فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية.
ونوّه وفد الإدارة الذاتية إلى أن تنظيم داعش الإرهابي بالرغم من أنّه تم القضاء عليه عسكرياً فإنه لا يزال نشطاً من خلال خلاياه النائمة، التي تشنّ الهجمات بين الفينة والأخرى مستفيدة بالدرجة الأولى من الفراغ الأمني الذي يُحدثه انشغال قوات سوريا الديمقراطية بالتصدي لهجمات الجيش التركي ومرتزقته على المنطقة، التي من شأن استمرارها المساعدة في عودة التنظيم إلى الواجهة من جديد.
وشدد الوفد على ضرورة تقديم المجتمع الدولي للمساعدة لحسم ملف معتقلي داعش وعوائلهم، وأنَّ هناك عشرات الآلاف من معتقلي داعش وعوائلهم في المعتقلات والمخيمات بشمال وشرق سوريا، وهؤلاء يشكلون قنبلة موقوتة من الصعوبة بمكان التكهن بموعد انفجارها، وللحيلولة دون وقوع كارثة كبيرة على الدول أن تسارع في استعادة مواطنيها، وأن تتجاوب مع نداءات الإدارة الذاتية لتشكيل محكمة خاصة ذات طابع دولي لمحاكمة أولئك المتورطين في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأطلع الوفد نظيره على مواصلة الدولة التركية ومرتزقتها ارتكاب شتى الانتهاكات والفظاعات في المناطق المحتلة، عن طريق عمليات القتل والخطف والتعذيب والاغتصاب والنهب والتغيير الديموغرافي وغيرها.
فضلاً عن ذلك فإنها تواصل شنّ هجماتها على المناطق الأخرى بشمال وشرق سوريا مستهدفة بصورة ممنهجة البنية التحتية الحيوية، الأمر الذي يخلق أزمة إنسانية كبيرة تعرّض حياة ملايين السكان للخطر، وقد تدفع في حال خروجها عن السيطرة باتجاه هجرة جماعية.
وذكر الوفد أنَّ هذه الانتهاكات التي ترتكبها الدولة التركية تُعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القوانين الدولية، وبناءً عليه من المفترض ألا يبقى المجتمع الدولي ساكناً حيالها، وأن تتحرك الجهات والمؤسسات الدولية المعنية للحيلولة دون إفلات المسؤولين عنها من العقاب.
من جانبه أكد الوفد الإيطالي متابعة الأوضاع والمستجدات في شمال وشرق سوريا والمنطقة برمتها، والتحديدات التي تمرّ بها المناطق، وضرورة كبح جميع محاولات تأجيج الصراع في المنطقة، ومنها الانتهاكات التركية المتكررة في مناطق الإدارة الذاتية، لأن عواقب توسيع دائرة الصراع ستكون وخيمة على الجميع.
وأضاف الوفد أن التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وعلى رأسها داعش، هي المستفيد الأكبر من محاولات ضرب الأمن والاستقرار في مناطق شمال وشرق سوريا، ولهذا فإن المجتمع الدولي مُطالب بتحمل مسؤولياته في دعم الإدارة الذاتية لمنع عودة تلك التنظيمات إلى الظهور مرة أخرى، وللحفاظ على الأمن والاستقرار النسبيين في مناطقها.
وأشار الوفد الإيطالي إلى أنهم سيتباحثون مع حكومتهم بشأن فحوى المواضيع التي نوقشت في اجتماعهم مع وفد الإدارة الذاتية، بما في ذلك إمكانية إرسال هيئة إلى مناطق شمال وشرق سوريا لتقصي الأوضاع الإنسانية وبحث سبل وآليات إيصال المساعدات إليها.