زار وفدٌ من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أمس الأربعاء، مانيل كاسش (بطريرك كنيسة مونتسيرات)، وذلك داخل الكنيسة التاريخية الواقعة على سفح جبال مونتسيرات على بعد حوالي خمسين كيلومتراً غرب مدينة برشلونة الكتالونية.
وضم وفدُ الإدارة الذاتية بدران جيا كرد (الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية)، وعبد الكريم عمر (ممثل الإدارة الذاتية في أوروبا)، ونظيرة كورية (الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد السرياني السوري).
وفي بداية اللقاء قدّم البطريرك مانيل كاسش لمحة تاريخية عن الكنيسة قائلاً، إنها بُنيت في القرن السادس عشر الميلادي، وعلاوة على كونها مكاناً دينياً مقدساً فإنها أيضاً تُعتبر مكاناً ثقافياً، حيث تحتوي الكنيسة على عشرات آلاف المجلدات ومدرسة لتعليم الأطفال الموسيقا، هي الأقدم من نوعها في أوروبا.
وأضاف البطريرك كاسش، أنّ كنيسة مونتسيرات تعرضت لقمع عنيف خلال الحرب الأهلية الإسبانية حيث قُتل اثنان وعشرون من رهبانها، كما أنّ الكنيسة تحولت خلال حقبة فرانشيسكو فرانكو إلى ملجأ للسياسيين والفنانين وطلاب العلم الفارين من القمع والاضطهاد.
وأشار إلى أنّ لكنيستهم تاريخاً طويلاً من العلاقة مع الشرق الأوسط، قائلاً “إنّ الأب بالاسيوس سافر لأغلب بلدان الشرق الأوسط وبشكل خاص سوريا؛ بهدف تدوين تاريخ وحضارة السريان والمنطقة”.
وبشأن أوضاع المسيحيين في المنطقة قال البطريرك كاسش “لقد تابعنا أوضاع المسيحيين خلال الهجمات التي شنتها الجماعات المتطرفة، وشاهدنا تضرر الكنائس وتهجير المسيحيين نأمل أن تنتهي هذه الممارسات ليتمكن الجميع من العيش بأمان وسلام”.
ولفت إلى اعتراف البرلمان الكتالوني بالإدارة الذاتية وقال، إن هذه خطوة جيدة لأنها تُفسح الطريق لتقوية العلاقات وزيادة التعاون بين الطرفين، متمنياً أن يشكل الاعتراف الأرضية الملائمة لفتح آفاق جديدة من العمل المشترك.
وأعرب بدران جيا كرد(الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية) عن سعادتهم للتواجد في هذا المكان الديني المقدس، وأضاف “أنّ قيام هذه الكنسية بالمهام الدينية الروحية وفي الوقت عينه تحوّلها إلى ملاذ للفارين من الظلم والاضطهاد دليل على أنها لعبت على مرّ التاريخ دوراً إيجابياً كبيراً، وأنه من الضروري أن تقتدي بها جميع مراكز ودور العبادة بهدف إحلال السلام والوئام بين جميع الديانات والشعوب”.
وتطرق جيا كرد إلى الصراع السوري قائلاً “لقد تحولت الحرب في سوريا إلى صراع ديني مذهبي راح ضحيته مئات الآلاف من السوريين، وكما هو معلوم فإن المكون المسيحي والأقليات الدينية والعرقية الأخرى عانت لسنوات مختلف أنواع الظلم والقمع على أيدي الأنظمة الاستبدادية، كذلك في المناطق التي تحتلها تركيا وتلك التي دخلتها المجموعات المتطرفة تم تدمير الكنائس والمعابد الإيزيدية وتدمير المنازل وطرد سكانها، هذا فضلاً عن أنهم أجبروا الإيزيديين على اعتناق الإسلام بشكل مخالف لجميع الشرائع السماوية”.
ولفت جيا كرد إلى أنّ مكونات شمال وشرق سوريا لم تنجرّ إلى هذا الصراع، مضيفاً “لتفادي الانزلاق إلى هذا الاقتتال الديني والمذهبي أعلنت مكونات شمال وشرق سوريا عن مشروع الإدارة الذاتية، وبفضل هذا المشروع تمكنا من المحافظة على السلم الاجتماعي وشرائح العيش المشترك بين أبناء كافة الديانات والقوميات، ولهذا نرى أنّ مشروعنا هو مكسب لعموم مكونات المنطقة، وللاستمرار فيه نحن بحاجة إلى جهود جميع الساعين إلى قيم العدل والمساواة ورفع الظلم”.
بدورها قالت نظيرة كورية (الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد السرياني السوري) “تغمرني مشاعر مختلطة وأنا أتواجد الآن معكم في هذا المكان المقدس التاريخي وفي هذه اللحظات التي ذكرتم فيها معاناتكم، استحضر بدوري معاناة المسيحيين والمظالم التي تعرضوا لها بمنطقة الشرق الأوسط وخاصة خلال السنوات القليلة الماضية جرّاء موجة الإرهاب والتطرف”.
وأكدت كورية أنّ الشعب السرياني ورغم جميع المحن والمظالم التي تعرض لها لا يزال يكافح من أجل الحفاظ على معتقداته الدينية وضمان حقوقه المشروعة أسوة ببقية شعوب العالم.