التقى عبد الكريم عمر (ممثل الإدارة الذاتية في أوروبا) وخالد درويش (ممثل الإدارة الذاتية في ألمانيا) بغريغور غيزي عضو البرلمان الألماني (البوندستاغ) عن الحزب اليساري؛ لتداول آخر المستجدات والتطورات المتعلقة بالأزمة السورية.
وخلال اللقاء الذي جرى في مبنى البرلمان بالعاصمة برلين، قال عبد الكريم عمر، إن الأفق لا تزال مسدودة أمام التوصل لحل سياسي شامل ينهي الأزمة السورية، مرجعًا السبب في ذلك إلى تعنت النظام السوري وإصراره على الحل الأمني والعسكري لإنهاء الصراع، أي بنفس العقلية التي بدأ بها التعامل مع مطالبات السوريين المشروعة مع بداية الأزمة قبل ثلاثة عشر عامًا.
ونوّه عمر، إلى دور المعارضة السورية المرتهنة للخارج، والتي تتحرك بناء على أوامر وإملاءات قوى إقليمية، في استمرار معاناة السوريين، وتضييق آفاق الحل، مضيفًا بأن هذه المعارضة المرتبطة بتركيا وغيرها من القوى الإقليمية بعيدة كل البعد عن هموم ومعاناة السوريين، وأضعف من أن تمثل كافة أطياف وشرائح المجتمع السوري، والتحرك بموجب المسؤوليات الوطنية والأخلاقية لتحقيق أهدافها وتطلعاتها المشروعة.
وأشار ممثل الإدارة الذاتية في أوروبا، إلى المسؤوليات الملقاة على عاتق المجتمع الدولي في استمرار نزيف الدم السوري، لافتًا إلى أن عدم تحرّك أمريكا وأوروبا وغياب أية رؤية واضحة وشاملة لإنهاء الأزمة، أفسح المجال أمام محور أستانا للاستفراد بالوضع السوري، الأمر الذي يؤثّر سلبًا على تلك الجهود الضئيلة التي بُذلت حتى الآن لإنهاء الصراع، وذلك لكون الدول المشاركة في المحور المذكور هي في الأساس جزء من المشكلة، وبالتالي لا يمكن الانتظار منها أن تساهم في الحل.
حيث كانت ولا تزال تبذل ما بوسعها من أجل التوصل إلى حلّ سياسي سلمي يصبّ في مصلحة عموم السوريين، ودون أي يستثني أي طيف أو شريحة، ذاكرًا أنه ولهذا الغرض فقد أصدرت الإدارة الذاتية قبل أشهر مشروعًا شاملًا للحل في البلاد، لاقى استحسانًا من قبل العديد من القوى الوطنية السورية.
وتطرق عبد الكريم عمر إلى الحرب التي خاضتها مكونات شمال وشرق سوريا ضد تنظيم داعش، والتضحيات الكبيرة التي بذلتها من أجل إلحاق الهزيمة العسكرية بالتنظيم، معربًا عن أسفه لعزوف المجتمع الدولي عن القيام بمسؤولياته حيال الإدارة الذاتية، وذلك فيما يتعلق بتسوية قضية عشرات الآلاف من أفراد وعوائل داعش، المتواجدين داخل مراكز الاحتجاز والمخيمات في مناطق الإدارة الذاتية.
ولفت إلى القرار الذي صدر مؤخرًا عن الإدارة الذاتية للبدء في إجراءات محاكمة البعض من عناصر داعش المعتقلين لديها، إذ لم تجد الإدارة مناصًا من الإقدام على هذه الخطوة، لجهة المسؤوليات والضغوطات الكبيرة التي تتعرض لها، وكذلك بهدف إنصاف الضحايا وإحقاق العدالة.
وتحدث غريغوري غيزي (عضو البرلمان الألماني عن الحزب اليساري) عن ضرورة بذل جهود صادقة من أجل التوصل إلى حلّ سياسي شامل للأزمة السورية، وأهمية أن يضمن الحل المصالح المشتركة لعموم السوريين، وأن تشارك جميع المكونات في رسم ملامح سوريا المستقبل.
ولفت إلى التهديدات المتواصلة على شمال وشرق سوريا، لا سيما الهجمات المتكررة من قبل الدولة التركية ومرتزقتها، سواء عبر الطيران المسيّر أو القصف المدفعي والصاروخي، معربًا عن أسفه لما تتسبّب به هذه الهجمات من سقوط للضحايا، وتهديد للأمن والاستقرار في مناطق الإدارة الذاتية.
وأشار عضو البرلمان الألماني، إلى أنهم يتفهّمون بشكل جيد إعلان الإدارة الذاتية عن عزمها في محاكمة البعض من عناصر داعش، وأنه على قناعة بأن الجهات المسؤولة ستلتزم كما أعلنت بأن تكون هذه المحاكمات عادلة وشفافة، وأن تجري وفقًا للقوانين والمعايير الدولية الإنسانية.
كذلك عرّج على مسألة اللاجئين السوريين، والمشروع الذي طرحته الإدارة الذاتية لاستقبال من يرغب من اللاجئين في القدوم إلى مناطقها، منوّهًا إلى أن هذه المبادرة التي طرحتها الإدارة تنمّ بلا شكّ عن إحساس عالٍ بالمسؤوليات الوطنية والإنسانية، وهي تُظهر على نحو جلي أن الإدارة الذاتية هي مشروع وطني سوري، وأنها تتحرك لتحقيق مصالح السوريين كافة، وليس التركيز على شريحة معينة فقط من المجتمع السوري، كما يحلو أحيانًا لبعض الأطراف أن تروّج لذلك.