ألقت جود محمد (الرئيسة المشتركة لهيئة الصحة في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا) كلمة، خلال مشاركتها في فعالية اليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي نظمتها هيئة الداخلية في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، وجاء فيها.
بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات لابد لنا من التوجه بالتحية لكل من ساهم بالإعداد لفعاليات هذا المؤتمر ولجميع المهتمين بهذا الشأن وبالخصوص أفراد جهاز مكافحة المخدرات.
تمرُّ على البشرية من وقت لآخر محن وأوقات عصيبة نتيجة وقوعها بين براثن أوبئة أو أمراض فتاكة وقد تتسبب في فقدان أعداد هائلة من البشر لحياتهم أو أن تعاني البشرية من آثار نزاعات أو حروب لا تبقي ولا تذر كذلك وليس بعيداً عما ذكر ضحايا الكوارث الطبيعية من أعاصير أو سيول أو زلازل مدمرة، وكأن كل ما ذُكر من أمثلة الفواجع لم تكن كافية بل إنّ مصائب إضافية ومن قبل البشرية باتت ربما تدمر المجتمعات وتنخر في نسيجها وتضرب في الصميم قيمها وبنيانها، وليس أدلُّ على ذلك من آفة المخدرات وبالصورة التي يفيد فيها ما يسمى (تقرير المخدرات في العالم للعام 2021 الصادر عن المكتب الأممي) الذي ذكر أن عدد المتعاطين للمخدرات قد تم تقديره بـ/296/ مليون شخص أو ما يعادل 5.8% من سكان العالم والذي تتراوح أعمارهم بين 15 – 64 عاماً وبزيادة في النسبة تقدر ب 23% عما كان عليه في العام 2011 أي خلال عقد واحد من الزمن، حيث كان عدد المتعاطين حينها ما يقارب /240/ مليون، مع وجوب الإشارة إلى أن العام 2021 المذكور هو آخر عام توفرت فيه البيانات وبالصورة التي توضح أن هناك شخصاً من كل 17 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 15 – 64 عاماً قد استخدم مادة مخدرة خلال الـ12 شهراً السابقة.
ووفقاً للتقرير الأممي المذكور أنَّ (القنب) أو الحشيش هو من أكثر المواد استخداماً في العالم، حيث بلغ عدد متعاطيه/219/ مليون من أصل /296/ مليوناً الذين تم ذكرهم وخلال العام ذاته.
وللإضاءة أكثر على هذا الموضوع لا بد لنا من إيراد بعض التعاريف التي تضيء عليه، المخدرات مادة طبيعية أو مصنعة تدخل جسم الإنسان وتؤثر عليه فتغير إحساسه وتصرفاته وبعض وظائفه وينتج عن تكرار استعمال هذه المادة نتائج خطيرة على الصحة الجسدية والعقلية والتأثير الضار على البيئة والمجتمع
التعاطي: هو تناول أي مادة من المواد المخدرة لغير غاية علاجية بحيث تؤدي إلى الاعتياد أو الإدمان وقد يكون ذلك التعاطي مؤقتاً أو دائماً.
التعود، تظل الكمية أو الجرعة ثابتة ويكون الاعتماد عليها نفسياً فقط على عكس الحال مع الإدمان فتغير من مشاعره وانفعالاته وسلوكياته.
الإدمان، حالة نفسية وأحياناً عضوية ناتجة عن تفاعل إنسان مع العقار ومن خصائصه هي استجابات وأنماط سلوكية مختلفة تشمل دائماً الرغبة الملحة في تعاطي المخدر (العقار) بصورة متصلة أو دورية للهروب من الآثار النفسية التي تنتج عن عدم تناوله.
المدمن، هو ذلك الشخص الذي يعتمد بشكل قهري على المخدرات والمسكرات.
ومن الأعراض التي تترافق مع تعاطي المخدرات وخاصة لفترات طويلة
– شعور المتعاطي بآلام وتعب بالجسم.
– لا يقوى المتعاطي على فعل أي مجهود كما كان بالسابق.
– انعدام التركيز والتشتت الفكري الشديد وعدم الانتباه للحديث والنسيان الشديد.
– اختلاط المشاعر بين الحزن والفرح والكآبة والضحك والهستيريا في بعض الأحيان.
– في بعض الأحيان يتحسسون من الضوء والضوضاء.
– في المراحل المتقدمة ووفقاً لنوع المخدر قد يعاني المدمن من الضلالات كسماع بعض الأصوات أو الشعور بمخاوف مبالغ فيها أو أفكار غير منطقية يصدقها المتعاطي كلياً ويتصرف على أساسها.
– عدم مراعاة شعور الآخرين والاندفاع أو العصبية وظهور الذبول على الوجه عامة.
– اضطرابات النوم بزيادة عدد الساعات أو نقصانها بشكل ملحوظ أو اضطرابها وتقطيعها تماماً على عكس الطبيعي.
– تأثيرات أخرى على الجسم مثل خطر الفشل الكبدي نتيجة زيادة الضغط على الكبد لإخراج السموم حيث يصبح مدمن المخدرات أكثر عرضة لخطر الإصابة بالعدوى نتيجة ضعف الجهاز المناعي، وكذلك الاحتمالات الكبيرة للفشل الكلوي أو التشنجات المعممة.
– الشعور بالغثيان وفقدان الشهية وأوجاع في البطن مما يؤدي إلى فقدان الوزن، وتلف الدماغ وزيادة التعرض للسكتة الدماغية والنوبات.
– بالنسبة للنساء تتعرض الحامل لزيادة خطر الإجهاض أو الإضرار بصحة الجنين.
– يمكن أن تتسبب المخدرات في حدوث جلطات في الدم في حالة أخذها عن طريق الحقن الوريدي حيث يتسبب ذلك في تلف بطانة الأوردة وانسدادها وبالتالي حدوث الجلطات.
– شحوب اللون واحمرار العينين ووجود سواد تحتها وخاصة مع متعاطي الحشيش على فقدان الوزن وضعف الصحة العامة.
– فقدان الاتزان الانفعالي إلى جانب الإصابة بنوبات من القلق والهلاوس.
– سلوك عدواني قد يترافق مع إيذاء النفس أو الانتحار أو التهجم والاعتداء على الآخرين ضمن المجتمع أو حتى ضمن أسرة المتعاطي، وقد يصل الأمر لحد ارتكاب جنايات القتل ودونما أسباب وجيهة قد يكون منها الحصول على العقار موضع الإدمان.
حقائق وأرقام يجدر ذكرها
1- مقارنةً بالنساء يُعدُّ الرجال الأكثر تعاطياً لأغلب المخدرات ومع ذلك فإن الاختلاف بين الجنسين بدأ يتناقص وخصوصاً في بعض مناطق العالم، حيث وصلت نسبة التعاطي على مستوى العالم إلى 42% لمادة القنب و45% على مستوى المنشطات الأمفيتامينية.
2- ترتبط معظم اضطرابات متعاطي المخدرات بالقنب والمواد الأفيونية وهي أيضاً العقاقير التي تدفع معظم الناس إلى طلب العلاج، حيث يأتي الضرر الأكبر عن تعاطيها بما في ذلك الجرعات الزائدة المميتة حيث استخدم /60/ مليون شخص مواد أفيونية غير طبية بالعام 2021 منهم 31.5 مليون استخدم الهيروين بشكل رئيسي.
3- تمثل المواد الأفيونية 69% من الوفيات الناجمة عن تعاطي المخدرات.
4- تشكل المخدرات المختلفة أعباء جسيمة على أنظمة الرعاية الصحية في مختلف دول العالم على اعتبار أن كثيراً من حالات الإدمان تحتاج لعلاج طويل وفترة استشفاء يعيش خلالها الجسم أعراضاً انسحابية.
5- وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات فإن هناك زيادة ملفتة في تعاطي المخدرات الكيميائية مثل (الميثامفيتامين) وكذلك كثيراً من المواد المطورة حديثاً في السوق، وجاء في تقرير المكتب أن تصنيع المخدرات الاصطناعية رخيص وسهل وسريع كما أنه يصعب على السلطات تقفي أثر هذا القطاع المرن جداً من تجارة المخدرات لأنه غير مرتبط كالسابق بمناطق نمو زراعي معينة أو دورات نمو زراعية مثل الكوكايين أو الهيروين.
وفي الختام ندعو جميع الأطراف والجهات المعنية كهيئات الإعلام والتربية والشبيبة والصحة والقوى الأمنية بضرورة توحيد الجهود لضمان المشاركة الفعّالة في مكافحة هذه الآفة، لأن هذه المسألة تعدُّ أمراً خطيراً يؤثر بشكل كبير على الفرد والأسرة وحتى كيان المجتمع، فدعونا نكون جميعاً جزءاً من الحل، ونعمل معًا لبناء مجتمع آمن وصحي، حيث يمكن للجميع تحقيق طموحاتهم وأحلامهم دون أن يكونوا عُرضة لآثار الإدمان والمخاطر الناجمة عن تعاطي المخدرات، ولنعمل معاً من أجل مستقبلٍ أكثر صحة وازدهاراً للجميع.